صاحبة الدماغين معجزة إلهية تتكرر كل يوم من أيام حياتنا فهي
تحمل في رأسها دماغا متكامل النمو وفي أحشائها دماغ صغير ينمو كل يوم ببطء ورقة ,
إنها المرأة الحامل التي تواجه العديد من المتاعب في بداية حملها فتضعف شهيتها
للطعام مما يقلل من وصول المغذيات و العناصر الغذائية إلى المخ الذي تحمله في
رأسها , فينتج عن ذلك الكثير من التقلبات المزاجية والنسيان و الإهمال وغيره من
أعراض ما يدعى بالوحم, لذلك فإن الطبيب غالبا ما يقوم بتعويض النقص عن طريق إعطاء
الحامل بعض الفيتامينات التي تعوض شيئا من النقص,
إلا أن هذه الطريقة ليست كاملة تماما فمهما تفوق العلم فهو لن يضاهي صنع
الله تعالى الذي أحكم كل شيء خلقه فجل القائل "إنا كل شيء خلقناه بقدر"
القمر 49.
لكل نوع من
الطعام مقادير معينة من العناصر الغذائية تحقق توازن و تكامل قد لا تحققه أقراص
المكملات الغذائية , فضلا عن الأنزيمات المساعدة وعناصر أخرى لم تعرف و لم يعرف
دورها في الجسم بعد. وقد تقوم الحامل بارتكاب بعض الأخطاء أثناء تناولها للأقراص
المكملة كأن تتناولها بعد أو قبل تناول المشروبات المنبهة مما يحرمها من العديد من
المميزات و الفوائد وبالتالي نقص العناصر الغذائية التي يجب أن تمد بها الدماغ.
هناك خطأ آخر يؤدي إلى قلة الاستفادة من المكملات الغذائية يكمن في تناولها على
معدة فارغة وبالتالي يحدث سوء في الامتصاص حيث أن الكثير من العناصر المغذية تذوب
في الدهون وبالتالي يجب تناول وجبة تحتوي على الدهون, و أنواع أخرى تذوب في الماء
وبالتالي الحاجة إلى وجود سوائل تساعد على امتصاصها , و أنواع أخرى تذوب في وجود
فيتامينات وأوساط معينة قد لا تتوفر في حال خلو المعدة من الغذاء, وهذا ما جعلها
تسمى بمكملات تكمل فقط وليست بديل عن الغذاء الجيد على الإطلاق.
الكولين لذاكرة قوية طويلة العمر الكولين هو عنصر غذائي ضروري للوظائف الخلوية بشكل عام, كما أن توفره يساعد على التطور الطبيعي للدماغ منذ المراحل المبكرة من الحمل, فالأمهات التي توفر في غذائهن كمية جيدة من الكولين يوفرن لأجنتهن أثناء الحمل وبعد الولادة كميات جيدة من الفيتامين مما يدعم ويعزز قدرات الذاكرة مدى الحياة.
يتواجد الكولين
في الكبد والبيض بشكل اوفر من باقي الأطعمة لذلك فمن الواجب أن تحتوي الوجبات
الغذائية للحامل على هذه الأطعمة بيضة كل يوم على سبيل المثال أما الكبد فيحبذ
تناوله مرة كل اسبوعين على الأكثر لما يحتويه من مركبات قد تثقل عمل الكلى والكبد
لدى الحامل خاصة.
يتم دعم الجنين
بالكولين بتناول المزيد من السمك وفول
الصويا والمكسرات، فتناوله أثناء الحمل يساعد على تطور نمو قرن آمون في دماغ
الجنين, الجزء المسئول عن الذاكرة.
يساعد الكولين على زيادة مستويات الموصلات
والخلايا العصبية مما يؤدي إلى تحسن في الوظائف الإدراكية بصفة عامة للصغار
والكبار.
يرتبط الحرمان من الكولين لدى الأم الحامل ببعض
التشوهات الحادثة في الدماغ و النخاع الشوكي لدى الجنين, ففي دراسة استهدفت
180.000 امرأة حامل وجد الباحثون 80 حالة لأجنة مصابة بتشوهات في الأنبوب العصبي,
وبمقارنة مستوى الكولين في دمائهم مع 409 امرأة تم اختيارهم عشوائيا, وجد أن أمهات
الأجنة المشوهة كن يحملن أقل نسبة من الكولين في الدم, كما ينصح الباحثون تناول
مكملات الكولين في الأسابيع الأولى من الحمل
حيث يكتمل نمو الأنبوب العصبي خلال الأسبوع 15 و18.
بحسب الدكتور
توماس الباحث في قسم علم النفس بجامعة سان دييغو بأمريكا فإن تناول مواليد الأمهات
المدمنات على الكحول للكولين قد يخفف بعض المشاكل الناجمة عن آثار الكحول السيئة
على الدماغ أثناء الحمل, والتي غالبا ما تؤثر على قدرة المولود على التعلم والاهتمام
والمهارات الحركية والسلوك الاجتماعي
يلعب الكولين
عدة أدوار في نمو الدماغ أهمها أنه يساعد على تكوين الناقل العصبي الأستيل كولين
وهو الناقل الذي يشارك في عملية التعلم و الإدراك.
ينصح الأطباء
المرأة الحامل بتناول 450 ملغ يوميا من الكولين و 550 ملغ خلال فترة الرضاعة ,
بينما ينصح بإعطاء الأطفال خلال السنة الأولى من العمر 125-150ملغ في اليوم تحت
إشراف طبي, ويحذر الدكتور توماس من الظن بأن الكولين علاج سحري لمواليد الأمهات
المدمنات على الكحول, إنما هو يخفف فقط ولا يعالج الضرر الناجم عن الكحول على
أمخاخ المواليد بشكل نهائي.
المأكولات البحرية وأحماض أوميجا3 الدهنية
تعتبر الحامل
أكثر الفئات حاجة إلى تناول الوجبات البحرية الدهنية كالتونة والسردين وغيرها من
الأسماك التي تساهم في بناء قوي لقوام الدماغ, فمن المعلوم أن الدماغ البشري يتكون
من 60% دهون, فإذا كانت هذه الدهون مشبعة فهذا ما يخشى منه على القوى العقلية
المختلفة و على القدرات التعلمية، لأن المستقبلات العصبية يجب أن تكون ذات مرونة
كافية لاستقبال و تخزين المعلومات، وهذا مالا توفره الدهون المشبعة التي تجعل من
المخ ذو قوام أكثر صلابة ينتج عنها صعوبة و عجز في تخزين المعلومات تزداد بازدياد
الاعتماد على هذا النوع من الدهون, وهذا ما يقي منه تناول الأسماك الدهنية وزيوت
الأسماك الغنية بأحماض أوميجا3 الدهنية كما سيأتي ذكره, شرط أن تكون من مياه غير
ملوثة بالرصاص.
وحيث أن مشكلة
الأسماك الملوثة أصبحت شائعة لدى معظم دول العالم فإن الله قد أوجد لنا الكثير من
البدائل الطبيعية التي لا نخشى ضررها على صحة الحامل وجنينها، فمن الزيوت التي
أثبتت فعالية مشابهة لزيوت السمك زيت الكانولا وزيت بذرة الكتان حيث يمكن استعمال
الأول في طبخ الطعام والثاني في السلطات والمقبلات.
تناول الأمهات
الحوامل لأحماض أوميغا3 الدهنية الغير مشبعة يغمر دماغ الجنين بهذا النوع من
الدهون الهامة لصحته, لذلك يجب على الأم أن تبدأ باكرا بتناول هذا النوع من الدهون
منذ أن تخطط للحمل.
اليــود
نفس الشيء ينطبق على مدى توفر اليود في دم الأم أثناء الحمل, فنقصه يؤثر
تأثيرا سلبيا على نمو دماغ الجنين ووزنه أثناء فترة الحمل، كما يجب ان تتأكد الأم
قبل الحمل من سلامة الغدة الدرقية وقدرتها على إنتاج هرمون (ثلاثي
يودوثيرونين3،5،3) الهام لحماية دماغ الجنين أثناء فترة الحمل, يتواجد اليود في
المأكولات البحرية بصفة عامة, وقد يوجد مضافا إلى بعض انواع الملح المكرر, كدعم
غذائي وليس كمكون أساسي للملح.
مصدر الصورة Pachd